من البروتكولات المتعارف عليها في النظام الدولي هو قيام الزعيم المنتخب في أي دولة بزيارات رسمية للدول المهمة على خارطته السياسية والتي ينوي انتهاجها كخطة عمل له اثناء فترة حكمه المقبلة ، وهذا هو ماقام به الرئيس الروسي فلادمير بوتين مع بداية ولايته الخامسة كرئيس لدولة روسيا الاتحادية ، عندما بدأ جولاته الخارجية بزيارة الى الصين ثم روسيا البيضاء ومنها الى أوزبكستان ثم توغل شرقاً الى كوريا الشمالية ، وبعدها حط رحاله في فيتنام الدولة التي تعتبر ندبة سوداء على جبين العسكرية الأمريكية وجرح يحمله ضمير التاريخ الأمريكي الى اليوم .
ولو نظرنا الى العامل المشترك الذي تشترك فيه هذه الدول والاتجاه الذي توجه اليه بوتين وكذلك ما رافقها من تصريحات واحداث ، سنجد ان هذه الدول جميعها دول تحالفات سابقة مع الاتحاد السوفيتي ، ودول اسيوية وفي الشرق لروسيا، وهو تعبير عن إعطاء بوتين ظهره للغرب ، بعدما انقلبوا عليه بسبب حرب أوكرانيا. فتوجه مجدداً للشرق و للحلفاء السابقين ، وهم من وقفوا معه في تزويد روسيا بالسلاح لمواجهة مكينة الإنتاج العسكري الغربي والتي جيرت لتزويد أوكرانيا بالسلاح والتقنيات للدفاع عن نفسها والتي ارهقت الجيش الروسي ، وأيضاً قامت هذه الدول الشرقية بمساعدة روسيا في التملص من العقوبات الغربية المفروضة عليها ( مالياً وتقنياً ).
الاتفاقيات والتي تم توقيعها مع هذه الدول أثناء الزيارات، نجدها تدور حول شراكات استراتيجية شاملة للتعاون في مجالات الطاقة ونقل التقنية والمعاهدات العسكرية و التعاون العسكري في حال تم الاعتداء على احد اطراف المعاهدات ، وهي نفس الاتفاقية والمرتقب توقيعها مع ايران وتحمل صفة الشراكة الاستراتيجية والتي أكدها خبراء روس ،واذا أخذنا بالاعتبار تصريحات موسكو بالتلميح تارة الى تسليح الحوثي لمهاجمة السفن والمصالح الغربية مع معرفة موسكو أن الحوثي مجرد مليشيا إرهابية وليست دولة مسؤولة، والتلويح تارة بان هناك حرب عالمية ثالثة تدور في الأفق ، وهي التي تعرف ان مثل هذه التصريحات تسبب رعب في أوربا ، ومع تحريك اسطولها البحري وارساله الى شواطيء كوبا الحليف القديم وعلى بعد عشرات الكيلومترات من الحدود الأمريكية، في استدعاء لمشهد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962م في عقل الرأي العام الأمريكي .
قد تحمل التحركات الروسية الأخير مؤشرات على ان الدب الروسي في ورطة كبيرة وكأنه سقط في حفرة عميقة مع جمود تقدمه العسكري وتأخر انتصاره في اوكرانيا متزامناً مع نفاذ عتاده العسكري والذي اعتمد كثيرا على كوريا الشمالية في تعويضه كما صرح وزير الدفاع الكوري الجنوبي بان كوريا الشمالية زودت روسيا بسبعة الاف حاوية سلاح ، وكذلك اعتماد روسيا على ايران في تزويدها بعدد كبير من الصواريخ ومن المسيرات كما نقلت وكالة (رويترز) و عدة مصادر ، هل أصبح بوتين يشعر بالخناق يضيق عليه أكثر مما دفعه الى العودة وبقوة الى التحالفات القديمة ، وكما قال المثل ( التاجر المفلس يدور في دفاتره القديمة ) فهل أفلس حقاً بوتين ؟.
بقلم الكاتب / مصلح بن أحمد ال صقران الشمراني (27-6-2024)