بقلم/ الاستاذ محمد الهاجر
سلّط الكاتب السعودي محمد الهاجري الضوء على قضية فجوة المهارات بين التعليم وسوق العمل في مقاله الجديد الذي نُشر عبر موقع CNN الأمريكي، متناولاً التحديات التي تواجه الخريجين في مواكبة المتطلبات الحديثة للوظائف، والحلول التي يمكن تبنيها لسد هذه الفجوة.
وأشار الهاجري إلى أن أكثر من 40% من الخريجين بالعالم يعانون من صعوبة في العثور على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم، وهو ما يعكس وجود خلل بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق المتغيرة، خاصة مع التحولات السريعة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي.
وأضاف أن العديد من الجامعات لا تزال تعتمد على الأساليب التقليدية في التدريس، مثل الحفظ والتلقين، بدلاً من التركيز على المهارات التطبيقية والتقنية المطلوبة في سوق العمل الحديث.
وأكد أن هذا النهج يؤدي إلى تخريج أجيال تمتلك معرفة أكاديمية، لكنها تفتقر إلى المهارات العملية التي تضمن لها فرصاً وظيفية مستدامة.
تناول الهاجري في مقاله أهمية المهارات التقنية والمهنية التي أصبحت ضرورية للحصول على وظائف المستقبل، مثل تحليل البيانات، البرمجة، والتسويق الرقمي، مشيراً إلى أن بعض التخصصات التقليدية أصبحت أقل طلباً مع تطور الاقتصاد الرقمي.
إلى جانب ذلك، لفت إلى أهمية المهارات الشخصية والعالمية التي يبحث عنها أصحاب العمل، مثل:
•التفكير النقدي وحل المشكلات
•القدرة على العمل الجماعي والتواصل الفعّال
•المرونة والتكيف مع بيئات العمل المتغيرة
•الذكاء العاطفي والقيادة
وأشار إلى أن غياب هذه المهارات عن الخريجين يجعل اندماجهم في سوق العمل أكثر صعوبة، ويؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
واستعرض الهاجري بعض النماذج التعليمية الناجحة في العالم التي تمكنت من تقليل الفجوة بين التعليم وسوق العمل، من بينها:
1- فنلندا: التعليم المرن القائم على المهارات
تعتمد فنلندا على التعلم بالمشاريع بدلاً من التلقين، مما يساعد الطلاب على اكتساب مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، إضافة إلى المهارات التقنية.
2- سنغافورة: ربط التعليم بالصناعة
تشارك الشركات الكبرى في تصميم المناهج الدراسية، مما يضمن أن المهارات التي يكتسبها الطلاب تتوافق مع احتياجات سوق العمل، كما توفر الحكومة برامج تدريبية مستمرة للخريجين.
3- ألمانيا: نظام التعليم المزدوج
يتم الجمع بين الدراسة الأكاديمية والتدريب العملي في الشركات، مما يتيح للطلاب اكتساب خبرة عملية أثناء الدراسة، ويجعلهم أكثر جاهزية للوظائف بعد التخرج.
وطرح الهاجري مجموعة من التوصيات العملية التي يمكن أن تساهم في تقليل الفجوة بين التعليم وسوق العمل، ومنها:
•تحديث المناهج الدراسية: من خلال إدراج مهارات التكنولوجيا والإبداع والتطبيقات العملية.
•تعزيز الشراكة بين الجامعات والشركات: لتوفير برامج تدريب عملي حقيقية للخريجين.
•دمج التقنية في التعليم: عبر استخدام الذكاء الاصطناعي والدورات الإلكترونية والتعلم التفاعلي.
•تشجيع ريادة الأعمال والابتكار: من خلال دعم المشروعات الناشئة وتمكين الطلاب من بناء مستقبلهم المهني الخاص.
واختتم الهاجري مقاله بالتأكيد على أن التعليم هو مفتاح المستقبل، لكنه يحتاج إلى إصلاحات جذرية تواكب التحولات السريعة في سوق العمل، محذراً من أن الفجوة ستزداد في حال لم يتم اتخاذ خطوات فعلية لتحديث المناهج، تطوير المهارات الحياتية، وتعزيز الشراكات بين القطاع التعليمي وسوق العمل.
وطرح تساؤلاً جوهرياً: هل نحن مستعدون لاتخاذ الخطوات اللازمة لإصلاح التعليم، أم سنظل نخرّج أجيالاً غير مؤهلة لمتطلبات المستقبل؟