لا تنافس الحروب والنزاعات المسلحة أخطار أخرى، في تدميرها لمقدرات الدول والشعوب المتقاتلة، فالحرب تُهلك البشر، وتُخرب عمران المدن، وتُشرد المدنيين الأبرياء، وتعيق عمليات التنمية، ولا تقتصر خسائرها وآثارها السلبية على البلدين المتحاربين، وإنما تمتد بشكل كثيف إلى الإقليم الجغرافي، وعلى نحو أوسع إلى العالم، بسبب ترابط مصالح دوله، واعتمادها على خطوط الملاحة البحرية والجوية.
وتُعاني منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من ستة أشهر من حرب خطيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وتكمن خطورة الحرب في قابليتها للتمدد الإقليمي، وذلك احتمال قائم قد يتحقق في أي لحظة؛ نتيجة لتداعيات حرب غزة، وبيئتها المعقدة، التي اجتذبت جماعات عسكرية في دول إقليمية للمشاركة فيها عبر ساحات معارك خلفية مثل، سوريا، والمناطق الحدودية اللبنانية الإسرائيلية، ومياه البحر الأحمر.
وكادت حرب غزة تتوسع إقليمياً، وتصبح أكثر فداحة في خسائرها، خلال الأيام والساعات الماضية؛ جراء قصف إسرائيل لقنصلية إيران في العاصمة السورية دمشق، ورد إيران بضربة انتقامية مباشرة من أراضيها ضد إسرائيل، ضمت أكثر من 300 صاروخ باليستي وطائرة مسيرة، واستمرت لمدة خمس ساعات، ورغم انتهاء الضربة، وعدم تسببها في خسائر بشرية أو مادية لإسرائيل، إلا أن احتمال نشوب حرب إقليمية لا يزال ماثلاً، في ضوء تهديد إسرائيل بمهاجمة إيران.
وفي ظل استمرار شبح الحرب، الذي يخيم على المنطقة؛ طالبت المملكة مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤوليته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهي مطالبة مهمة تتوجه بها المملكة من الناحية السياسية والعملية إلى الدول الخمس دائمة العضوية، لتتحلى بالمسؤولية الكافية في منع نشوب حرب إقليمية معقدة، لن تقتصر على إسرائيل وإيران لكنها ستطال دولاً أخرى، وستُخل تماماً بالنظام الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط، بما لها من أهمية كبيرة لاقتصاديات ومصالح دول العالم، فمطالبة المملكة في جوهرها، مطالبة للدول المالكة للقرار الدولي، والقادرة على ممارسة الضغوط على الأطراف المتنازعه٠