يُعد “مُسطاح البلح” حرفة تراثية مرتبطة بموسم حصاد التمور في صعيد مصر، الذي يبدأ في شهر أغسطس من كل عام، ولمدة 3 أشهر، معتمدًا على أشعة الشمس لتجفيف آلاف الأطنان من التمور أو “البلح البلدي”، كما يُطلق عليه، حيث الطبيعة المناخية الملائمة لعمل المُسطاح في شهور الصيف، وهو ما يمثل دخلًا ماديًا للعديد من الأسر والعاملين في جني وبيع التمور.

ويتميز “المُسطاح” الذي يتخذ من المناطق الصحراوية والجبلية خاصة بمحافظتي أسوان وقنا، مستقرًا له، محاطًا بسعف النخيل ليشكل لوحة فنية تسُر الناظرين حين يكتسي سطحه بألوان مختلفة من البلح، تحت أشعة الشمس الذهبية لمدة تتراوح ما بين 10 إلى 15 يومًا لحين اكتمال مرحلة التجفيف لتبدأ بعدها عملية الفرز ثم التخزين والتبخير قبل طرحه بالأسواق المحلية أو تصديره.

وتُمثل ثروة النخيل في مصر بحسب تأكيد مدير المعمل المركزي لأبحاث النخيل بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة المصرية الدكتور عز الدين جاد الله العباسي، لوكالة الأنباء السعودية، 24 مليون نخلة منها 20 مليون نخلة مُثمرة، منتشرة بكافة محافظات مصر، تنتج ما يقرب من 2 مليون طن سنويًا من التمور بجميع أنواعه.

وعن طبيعة العمل داخل “مُسطاح البلح” يقول كامل سرور صاحب مُسطاح بلح بإحدى قرى محافظة قنا في تصريحات لـ”واس”: “إن عملية تسطيح البلح بعد قطفه من النخيل على أرضية “المُسطاح”، يقوم بها فريق عمل متخصص، حيث يتم فرز البلح واستبعاد التالف وغير الناضج منه، والذي يسمى” الخرشف” ويقدم كعلف للأغنام فقط”.

ويُضيف الرجل السبعيني الذي ورث المهنة عن والده، أن عملية تجفيف البلح داخل “المُسطاح” تمر بعدة مراحل تبدأ أولًا بشراء طرح النخيل من أصحاب المزارع ومتابعة عملية تلقيحه لضمان إنتاج جيد من التمور، يليها مرحلة النُضج وفيها لا نتسرع بقطع سباطة البلح إلا بعد التأكد من تمام النضج بشكل كامل، لتبدأ بعدها عملية فرط البلح في “المُسطاح” لمدة تتراوح من 10 إلى 15 يومًا مع تقليبه كل 3 أيام لضمان تجفيفه بشكل كامل، ثم الفرز حسب النوع والحجم والجودة والتعبئة في أجولة من “الخيش” لضمان التهوية الجيدة، وتخزينه في مكان جاف بعيدًا عن الرطوبة والماء، وبمعزل عن سطح الأرض مع تبخيره تجنبًا لإصابة من التسوس قبل بيعه أو طرحة في الأسواق المحلية قبل شهر رمضان، حيث يكون البلح ضيفًا رئيسًا على مائدة الإفطار الرمضانية.

وعن أشهر أنواع البلح يقول تاجر البلح بمحافظة أسوان ويدعى صابر حسانين في تصريح لـ”واس”: “البلح المُجفف على أشعة الشمس يصل لأكثر من 27 نوعًا، أفضلهم الـ “السكوتي، والملكابي والبرتمودي والقنديلة والشامية والشمعدان، والشبح، والوردي” وأسعاره تتراوح من 15 إلى 150 جنيهًا للكيلو الواحد حسب النوع والحجم، وهو صالح للاستهلاك والتخزين لأكثر من عام بفضل التجفيف الجيد، فضلًا عن كونه من مظاهر البهجة والفرح، حيث يقدم كالهدايا في الأفراح.

وفي غضون ذلك، أكد الخبير الدولي للتمور بمصر الدكتور شريف الشرباصي، أن التمور من أجود وأرخص مصادر الطاقة الحرارية التي تمد الجسم بالحيوية كونه غني بالمواد السكرية الأحادية البسيطة سريعة الامتصاص، لذا كان من الضروري العمل على إطالة مدة حفظه وتوافره طول العام في شكل منتجات مختلفة تتوفر بها شروط الجودة بدل أن يقتصر الاستهلاك أثناء موسم الحصاد فقط.

المصدر:  واس