رئيس التحرير : علي بن صالح الشمراني
صحيفة شمران الإخبارية

الاستاذ شفيق الفلسطيني ومقال يكتبه الشاعر : عبدالله زهير

+ = -


الكاتب : عبدالله زهير غيثان الشمراني
كثيرون هم المؤثرون الذين لهم بصماتهم الفاعلة في مسيرة حياتهم لكن القليل من كان لهم لمسات فائقة الجمال تنمو ذكراها مع مرور الايام وتكبر مع تصرم الاعوام ويكون تاثيرها على الاجيال ومن اولئك الجميلين ذلك المعلم النجم الذائع الصيت الذي تشرفت بالتعلم على يديه لمدة عام دراسي كامل انه الاستاذ الشاعر ” شفيق عبدالله حامد ” فلسطيني الجنسية الذي لا زلت اذكر لحظات دخوله علينا للمرة الاولى في مدرسة ادمة شمران الابتدائية التي كانت تضم مائة وسبعة وعشرون طالبا كنت أنا احدهم تلك المدرسة التي ضمت في جنباتها النجوم والمبدعين والمثقفين كنت وقتها في الصف السادس الابتدائي في ذلك المبنى المشيّد من الحجارة ويضم عشرة فصول دراسية خمسة على اليمين ومثلها على اليسار وغرفتين في مقدمة المبنى للادارة التي كان يديرها أنذاك الاستاذ عبدالرحمن بن سريبه – رحمه الله – وكانت تضم بهوا واسعا تقام فيه تمرينات بل ومباريات كرة الطائرة والطابور الصباحي وتؤدى فيه بعض الحصص الدراسية وبعض الامتحانات لاسيما مع شدة البرد للتخفيف منه بأشعة الشمس .
اقول لازلت اتذكر اللحظات الاولى التي دخل فيها الاستاذ شفيق الفصل ، كان عبارة عن كيان من الحزن وعينان واسعتان تختزنان عمقا بعيد المدى لايستطيع تفسيره الا من يحمل مثل معاناته ،
ذلكم الرجل الطويل الذي كنا نراه كذلك
بدأ بحديثه عن فلسطين وتيارات الحزن تكاد تقطّع عباراته وكيف دخل عليهم الصهاينة – لعنهم الله – واخرجوهم من قاعاتهم الدراسية قسرا وقهرا تحت تهديد السلاح
لقد كان مولعا بالشعر العربي الفصيح متيما بشعر إمريء القيس وعمرو بن كلثوم وزهير بن ابي سلمى وعنترة بن شداد العبسي وكان شغوفا بمادة اللغة العربية
وكان المنهج الداسي آخر اهتماماته حيث نقلنا مباشرة ونحن بالصف السادس الابتدائي الى المعلقات حبا وترنما وحفظ ما نستطيعه منها واعرابا لمفرداتها حتى اذكر اننا حينما ذهبنا لأداء امتحان الشهادة الابتدائية بمدرسة شمران ( باشوت ) فكان يحدث بيننا وبين زملائنا من باشوت تنافس علميا فكثيرا ما كانوا يتحدوننا في مادة التاريخ ماذا تعرف عن عام كذا وعام كذا اما نحن فكان تحدينا لهم في اللغة العربية فنقول على سبيل المثال ، اعرب كلمة – لا إله الا الله – او اعرب : قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل وهكذا ..
فقد نقلنا لدراسة سِيَر ِشعراء المعلقات ونقلنا باسلوبه الجذاب الشيق الى عالمهم حتى كأنا نراهم راي العين
فلو سمعتموه وهو يترنم بقصيدة امرئ القيس:
قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللواء بين الدخول فحومل
فتوضح بالمقراة لم يعف رسمها
لما نسجتها من جنوب وشمأل
ترى بعر الارام في عرصاتها
وقيعانها كأنه حبُّ فلفل
الى قوله
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
وان كنتِ قد ازمعتِ قلبي فأجملِ
أغرك مني ان حبك قاتلي
وانك مهما تأمري القلب يفعل..
او ترنمه بمعلقة عمرو بن كلثوم
الاهبي بصحنك فاصبحينا
ولا تبقي خمور الاندلينا
اباهند فلا تعجل علينا
وانظرنا نخبرك اليقينا
بأنا نورد الرايات بيضا
وتصدرهن حمرا قد روينا
ونشرب ان وردنا الماء صفوا
ويشرب غيرنا كدرا وطينا
متى بلغ الرضيع لنا فطاما
تخرُّ له الجبابر ساجدينا

كنا نذهب في الرحلات المدرسيه فلا تراه الا شاديا بأهازيجه الشعريه التي كنا نرددها من بعده وفي الرحلة ذاتها كان يحدثنا عن امريء القيس حينما كان يسبح في الغدير والخمر مستوليا على احساسه وفكره فجاءه المنادي يصرخ من راس الجبل : يا امريء القيس !!! يا امريء القيس !!!! أباك قُتل !!اباك قُتل !! فرد بصوت ثقيل قائلا : “اليوم خمر ٌ وغدا امرُ ” ثم أنه قتل في ابيه عدد كبير حسب ما تناقلته الروايات .
شفيق عبدالله حامد اسم تتلذذ به ألْسِنَةُ من عرفه وعايشه لا لشي الا لأن نبرته احساس ، ومفرداته نغم ، واسمه علم .
كان يجلس معنا في جلساتنا الخاصة نحن تلامذته رغم فارق السن بيننا وكأنه واحدا منا فيمتعنا بحديثه ويأسرنا بشاعريته بل كان يذهب معنا في ذهابنا وإيابنا لا فرق بينه وبين طلابه ليس بينه وبينهم حواجز بل كان يتعامل بسجيته واريحيته وتلقائيته وعفويته وذلك من اهم اسباب محبة طلابه له ، ورغم انه كان يعاقبنا ان قصرنا او اهملنا الا ان قلوبنا لم تنفر منه ولا زلت اذكر عصاءه المستطيلة التي كتب عليها بخط يده ” لواحة للبشر” فكنا نقرأ تلك الآية الكريمة على تلك العصاء فنزداد اجتهادا.
من الطرائف اننا كنا ذاهبين سويا مجموعة من طلابه مع الوادي بين العصر والمغرب وكان يحفزنا للاجتهاد قبل الذهاب الى باشوت لاداء الامتحان وبينما نحن ذاهبون قال : والله اذا نجحت يامحمد زهير وعبدالرحمن جروان لغير “اشكك ” شهادة الجامعة يقول ذلك تحفيزا لهم لبذل المزيد من الاجتهاد وحينما ظهرت النتيجه بنجاح كامل الفصل وكان تصحيح الاجابات في الوزارة والنتيجة تذاع في الراديو وتقابلنا مع الاستاذ شفيق بعد اعلان النتيجة في انس وسرور فتقدم محمد زهير رغم انه كان ثاني اصغر الفصل سنا بعدي وقابله وجها لوجه وقال يا استاذ!! انت قلت اذا نجحت انا وعبدالرحمن جروان بتشقق شهادة الجامعة ؟؟ فسكت الاستاذ شفيق قليلا ثم قال ” ولك اهبل “
كان محبا لشمران ولاغرو فقد قضى بها ريعان شبابه رغم ندرة خدماتها وبدائية حياتها الا انه شغف بها حبا
لا زلت اذكره وهو يردد:
شدوت باسمك يا أطلال شمرانِ
ياقمة المجد ياحبي ووجداني
ماجئت ابكي على اطلال من رحلوا
لكنه الشوق اذكى فيّ اشجاني
شباب شمران ان المجد موعدكم
فاستنهضوا العزم يا احفاد قحطان
مضى الاحبة افواجا وجئت انا
الى رباك ابث الطلح احزاني
تناوح الطلح يبكي حال من رحلوا
عن الديار وعن اهل وخلانِ
ومادرى الطلح ما حالي وما حزني
سهرت ارعى نجوم الليل وحداني
هذه الابيات التي حفظتها فقط من اصل قصيدة طويلة تمنيت انني حفظتها كاملة
اما قصيدته الشهيرة التي نظمها من لواعج احزانه بعد ان نأت به الاقدار بعيدا عن مرتع شبابه وريعان انسه وناسه قبيلة شمران فقد جسّدت الالام الموغلة في عمق ذلك الكيان المتماسك امام جميع تيارات المعاناة حيث صاغها ألماً وانبجست بها روحه كمدا قائلا :
سقاك الله يا شمران مغنى
على أوتار قلبي ذبت لحنا
رضعت هواك يا شمران طفلاً
وها قد شابت الدنيا وشبنا
تقادمت العهود بنا ولكن
لواعج شوقنا تنساب مزنا
يحن لساكني شمران قلبي
وكّنا عن هوى شمران تبنا
أسائل ساري النسمات عنهم
أذوب لبعدهم كمداً وحزنا
يطول فراقهم ويزيد شوقي
وكم من لوعة الهجران ذقنا
فأرسلها دموعاً هاطلات
فقلبي في هوى شمران جنّا
قضيت العمر في هم وغم
وترحال وفي قالوا وقلنا
تكّدر عيشنا من بعد صفوا
كأنا للمآسي قد خلقنا
حياتي بعدكم لا خير فيها
أَبَعْد فراقكم للعيش معنى؟
عسى الرحمن يجمعنا قريباً
وترحل سانحات الشؤم عنا
وإن جرت الأمور بغير هذا
فخطوا فوق قبري مات حزنا
نهاية هذه الدنيا فراق
وما فيها من اللذات يفنى.

لقد صاغها بعد مغادرته ادمة شمران وصار عمله في ادارة التعليم بمحافظة بيشه كما اخبرني الاستاذ محمد ظافر ابو سامي فتذكر أيام شبابه مع أبنائه وإخوانه من قبيلة شمران تذكر تلك الايام الخوالي ايام البراءة ايام النقاء ايام العطاء ايام الهناء ايام صفو الحياة فكتب هذه القصيدة التي انشدها المبدع مسفر بن شنيف بصوته الشجي لكنني كنت اتمنى انه اكمل انشادها كالبيتين الاولين فذلك اللحن هو الملائم لتلك القصيدة وما تحمله من مشاعر حزينة وشوق للماضي الذي قضاه بين احبابه في قبيلة شمران :
نسأل الله الكريم المنان ان يرزقه الجنة ونعيمها وان ينجيه من النار وحميمها انه ولي ذلك والقادر عليه وان يجمعنا به في مستقر رحمته في مقعد صدق عند مليك مقتدر ،،،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .

الوسم


أترك تعليق

Blue Captcha Image
Refresh

*

تابعنا على تويتر
مواليد شمران المزيد

غيم تمطر بالفرح بمنزل الأستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني

الزيارات :
مع هطول الامطار وتباشير الفرح فقد رزق الاستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني بمولودته التي احب ان يطلق عليها اسم ...

سعيد يضيء منزل الاستاذ / أحمد بن سعيد بن مسفر آل مقبول الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ / أحمد بن سعيد بن ال مقبول الشمراني ( ال حارثية شمران) هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن ...

المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني يرزق بمولوده جديدة

الزيارات :
رزق المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني ” ال حارثية شمران” بمولوده جديد اتفق هو وحرمه على تسميتها دانه ...

محمد يضيء منزل الأستاذ/مصلح بن محمد بن احمد الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ مصلح بن محمد بن احمد(التليبي )الشمراني بمولود اطلق عليه اسم محمد مسمى على جده محمد بن احمد صحيفة شمران ...

الاستاذ مسفر بن سعيد ال حمدان الشمراني يرزق بمولود

الزيارات :
رزق الاستاذ مسفر بن سعيد ال حمدان الشمراني هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن حفظة كتابه الكريم ...
انفوجرافيك المزيد
  • الزوار

    1613857
    Users Today : 1905
    This Month : 15424
    This Year : 232694
    Total Users : 1613857
    Views Today : 31857
    Total views : 27705804
    Who's Online : 143